هناك اختلاف، ورغم الارتباط الوثيق بين الفكرتين، هناك اختلافات مهمة بينهما.
لسوء الحظ، غالبًا ما يُستخدم المصطلحان حالياً بالتبادل مما قد يعني أن النتيجة المرجوة مازالت مستهدفة ولكن لم تتحقق بعد. علاوة على ذلك، غالبًا ما تُستخدم المرونة بنفس الطريقة التي تُستخدم بها كلمة ” هوفر ” – فجميع المكانس الكهربائية أصلها هوفر، أما هوفر فليست مكانس كهربائية فحسب.
عندما بدأنا العمل على الصلابة الذهنية، فقد اعتمدنا، إلى حد ما، على مجهودات كوباسا، والتي استمدت أفكارها من علم النفس الصحي حيث تم تعريف الصلابة الذهنية بشكل واضح على أنها “القدرة على التعافي من موقف معاكس” أو شيء من هذا القبيل. وما يشير إليه هذا هو قدرة الأفراد المرنين على التعامل مع الشدائد عند ظهورها.
دخل هذا الوصف في سلسلة من التحور والتغيير، وهناك الآن العديد من التعريفات التي تستورد الأفكار من علم النفس الإيجابي. ونعتقد أن هذا تمييع للقضية، خاصة وأن مفهوم المرونة النفسية ينجرف بشكل وثيق نحو مفهوم الصلابة الذهنية.
لدرجة أنه عند وصف الصلابة الذهنية، نجد بعض الأشخاص يقولون “هذا ما نعنيه بالمرونة”. ونرد عليهم بقولنا – “ما تقولونه لم يعد وصفاً للمرونة، وإنما الصلابة الذهنية”
ومع ذلك، من المفيد العودة إلى التعريفات الأصلية لأنها تشير إلى شيء مهم. إذا ظهر موقف سلبي، وتعامل الشخص معه، فيمكن وصفه بأنه شخص مرن. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه تعامل مع التجربة بشكل إيجابي. ربما يكون قد شمر عن ساعديه وأطال نفسه من منطلق “للضرورة أحكام”.
إذا لم يكن بجعبة الشخص أداة أخرى يمكنه اللجوء إليها في هذه اللعبة (تركيبة عقلية إيجابية)، فإن التعرض المفرط للانتكاسة والمحن قد يضنيه ويستنفد قواه.
يمكن اعتبار المرونة في أنقى صورها صفة سلبية أو ربما محايدة. “أنا مرن لأنني يجب أن أكون مرنًا”. ليس “…. لأنني أريد أن أكون كذلك … “.
في أواخر القرن العشرين، وجدت سوزان كوباسا، في لإطار دراستها للمديرين المرنين، أن البعض استجاب بشكل مختلف للموترات والضغوط والتحديات عن البعض الآخرعلى الرغم من سعي الجميع إلى الصمود. ووجدت أن البعض تبنوا نهجًا إيجابيًا للمحن والتحديات لدرجة قيامهم بالبحث عنها في بعض الأحيان. ووجدت أن هذا الاستعداد تجاه التعرض للتحديات والمخاطر غالبًا ما يعني أن هؤلاء الأفراد تعاملوا بشكل نفسي أفضل مع الانتكاس (والنكسات المتكررة)، وأطلقت على ذلك مسمى الصلابة لفصلها عن فكرة المرونة.
ومع إضافة فكرة الثقة، ظهر هذا الآن على أنه الصلابة الذهنية. والتي تُعرف بأنها “سمة شخصية تحدد إلى حد كبير كيفية تعامل الفرد مع الموترات والضغوط والتحديات بغض النظر عن الظروف”. ويرى الشخص ذو الصلابة الذهنية التحديات والمصاعب كفرصة وليست تهديدًا، ويكون لديه الثقة والنهج الإيجابي للتعامل الإيجابي مع تلك المشكلات.
هناك ارتباط بين المرونة والصلابة الذهنية. فمعظم أصحاب الصلابة الذهنية، إن لم يكن جميعهم، مرنون ولكن ليس كل الأفراد المرنين يتمتعون بصلابة ذهنية. يكمن الاختلاف في المكون الإيجابي.
يعرف قاموس أكسفورد الإنجليزي (الالكتروني) المرونة بأنها “القدرة على التعافي بسرعة من الصعوبات”. يصف هذا القدرة على التعافي من موقف سلبي إما بنسبة كبيرة أو التعافي منه كليًا. وهذا لا يعني بالضرورة أن يكون لدى الشخص شعور إيجابي تجاه هذا الوضع السلبي، بل يعني ببساطة أن شيئًا ما قد انحرف، وأنني سأستجمع قواي وألتقط أنفاسي، وأنني لازلت أؤمن بقدرتي على تحقيق ما خططت له في البداية – على الرغم من هذه النكسة – وسأقوم ببذل أقصى مجهوداتي لتحقيق بعض أهدافي أو جميعها.
وعادة ما نصف الشخص الذي يفعل ذلك بالشخص المرن. ورغم أن وجود صفتي التفاؤل والإيجابية سيكون أمراً مفيداً للغاية، إلا أن هذا ليس شرطًا ضروريًا بالنسبة للمرونة.
ونتيجة لذلك، يمكن للفرد الذي يتمتع بالمرونة دون التفاؤل والثقة أن يكون مرنًا ولكنه قد يجد صعوبة في المقاومة وقد يركن إلى الاستسلام إذا كان الأمر متكررًا أو مستدامًا.
ونجد قاموس أكسفورد الإنجليزي، بشكل مثير للحيرة، يقدم الصلابة كوصف بديل للمرونة.
هل التمييز بينهما مهم؟ نعم، نعتقد ذلك.
يتم تطوير كل من المرونة والصلابة الذهنية من خلال التعلم التجريبي؛ إما من خلال التطوير المستهدف أو التوجيه أو ببساطة من خلال مواجهة تجارب الحياة والتعلم منها.
النتيجة مختلفة بعض الشيء ولكنها مهمة في عالم يعاني فيه الجميع من التغيير والتحدي والانتكاس بشكل متكرر وبسرعة أكبر من أي وقت مضى. لذا، يُعد تبني تركيبة عقلية إيجابية أمر مهماً – يتعلق الأمر بأن تكون “واثقاً تماماً من نفسك” وأن تقبل تقلبات الحياة كجزء من رحلة الحياة، أو بالأحرى جزء من عملية التنمية الشخصية.
قد يكون من المفيد التفكير في الاختلاف في ضوء عبارة “البقاء والازدهار”. تساعدك المرونة على البقاء (ولكن ليس دائمًا) وتساعدك الصلابة الذهنية على الازدهار (ولكن ليس دائمًا، أيضاً).
ويُعد هذا أمراً مهماً لأن النتيجة تكون أكثر إيجابية مما يؤدي إلى:
إذا استمروا في تأكيدهم على أن المرونة هي نفسها الصلابة الذهنية، فاطلب منهم عندئذٍ تعريف ما يشعرون به عند مواجهة الشدائد والتحديات، مع عدم رغبتهم في القيام بذلك.
بقلم دوغ ستريشارزيك، الرئيس التنفيذي لشركة آي كيو آر انترناشونال